الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار **
1- عن أم سلمة: (أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم كان إذا أطلى بدأ بعورته فطلاها بالنورة وسائر جسده أهله [قال السندي وسائر جسده بالنصب وأهله بالرفع وطلى سائر جسده أهله فهو من عطف معمولي عامل واحد اهـ واللَّه أعلم] ). رواه ابن ماجه. الحديث قال الحافظ ابن كثير في كتابه الذي ألفه في الحمام بعد أن ذكر حديث الباب: هذا إسناده جيد وقد أخرجه ابن ماجه أيضًا من طريق أخرى عن أم سلمة. وقد رواه عبد الرزاق عن حبيب ابن أبي ثابت عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم مرسلًا بإسناد جيد قاله الأسيوطي. وقد أخرجه الخرائطي في مساوي الأخلاق من طريقين عن أم سلمة وثوبان وأخرجه يعقوب بن سفيان في تاريخه من طريق ثوبان بلفظ: (إن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم كان يدخل الحمام وكان يتنور) وأخرجه ابن عساكر في تاريخه من طريقه أيضًا. وأخرج أيضًا من طريق واثلة بن الأسقع أنه صلى اللَّه عليه وآله وسلم (أطلى يوم فتح خيبر). وأخرج سعيد بن منصور في سننه عن إبراهيم قال: (كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم إذا أطلى ولى عانته بيده) وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف عن إبراهيم بنحوه قال ابن كثير: وهو مرسل فيقوي الموصول الذي أخرجه ابن ماجه. وأخرج سعيد بن منصور عن مكحول أنه قال: (لما افتتح رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم خيبر أكل متكئًا وتنور) وهو مرسل أيضًا. وذكر أبو داود في المراسيل عن أبي معشر زياد بن كليب (أن رجلًا نور رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم) وأخرجه البيهقي في سننه الكبرى وفي تاريخ ابن عساكر بإسناد ضعيف عن ابن عمر (إن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم كان يتنور كل شهر). وأخرج أحمد عن عائشة قالت: (أطلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم بالنورة فلما فرغ منها قال: يا معشر المسلمين عليكم بالنورة فإنها طلية وطهور وإن اللَّه يذهب بها عنكم أوساخكم وأشعاركم). وقد روي الإطلاء بالنورة عن جماعة من الصحابة. فرواه الطبراني عن يعلى بن مرة الثقفي والطبراني أيضًا بسند رجاله رجال الصحيح عن ابن عمر. والبيهقي عن ثوبان. والخرائطي عن أبي الدرداء وجماعة من الصحابة. وعبد الرزاق عن عائشة. وابن عساكر عن خالد بن الوليد وجاءت أحاديث قاضية بأنه صلى اللَّه عليه وآله وسلم لم يتنور منها عند ابن أبي شيبة عن الحسن قال: (كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم وأبو بكر وعمر لا يطلون). قال ابن كثير: هذا من مراسيل الحسن وقد تكلم فيها: وأخرج البيهقي في سننه عن قتادة أن رسول اللَّه بنحوه وزاد ولا عثمان وهو منقطع. وأخرج البيهقي عن أنس أنه قال: كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم لا يتنور. وفي إسناده مسلم الملائي قال البيهقي: وهو ضعيف الحديث. قال السيوطي: والأحاديث السابقة أقوى سندًا وأكثر عددًا وهي أيضًا مثبتة فتقدم. ويمكن الجمع بأنه صلى اللَّه عليه وآله وسلم كان يتنور تارة ويحلق أخرى. وأما ما روي عن ابن عباس أنه ما أطلى نبي قط فقال صاحب النهاية وصاحب الملخص وعبد الغافر الفارسي أن المراد به ما مال إلى هواه.
قال جمهور أهل اللغة: يقال الوضوء بضم أوله إذا أريد به الفعل الذي هو المصدر ويقال الوضوء بفتح أوله إذا أريد به الماء الذي يتطهر به هكذا نقله ابن الأنباري وجماعات من أهل اللغة وغيرهم. وذهب الخليل والأصمعي وأبو حاتم السجستاني والأزهري وجماعة إلا أنه بالفتح فيهما. قال صاحب المطالع: وحكي بالضم فيهما جميعًا وأصل الوضوء من الوضاءة وهي الحسن والنظافة وسمي وضوء الصلاة وضوءًا لأنه ينظف المتوضئ ويحسنه.
1- عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه قال: (سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم يقول: إنما الأعمال بالنية وإنما لامرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى اللَّه ورسوله فهجرته إلى اللَّه ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه). رواه الجماعة. الحديث مداره على يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطاب ولم يبق من أصحاب الكتب المعتمدة من لم يخرجه سوى مالك فإنه لم يخرجه في الموطأ ووهم ابن دحية فقال: إنه فيه ولعل الوهم اتفق له لما رأى الشيخين والنسائي رووه من حديث مالك. وما وقع في الشهاب بلفظ الأعمال بالنيات بجمع الأعمال وحذف إنما فنقل النووي عن أبي موسى المديني الأصبهاني أنه لا يصح له إسناد وأقره النووي. قال الحافظ: وهو وهم فقد رواه كذلك الحاكم في الأربعين له من طريق مالك وكذا أخرجه ابن حبان من وجه آخر في مواضع تسعة من صحيحه منها في الحادي عشر من الثالث والرابع والعشرين منه والسادس والستين منه ذكره في هذه المواضع بحذف إنما. وكذا رواه البيهقي في المعرفة وفي البخاري الأعمال بالنية بحذف إنما وإفراد النية. قال الحافظ: أبو سعيد محمد بن علي الخشاب رواه عن يحيى بن سعيد نحو مائتين وخمسين إنسانًا. وقال أبو إسماعيل الهروي عبد اللَّه بن محمد الأنصاري كتبت هذا الحديث عن سبعمائة نفر من أصحاب يحيى بن سعيد. قال الحافظ: تتبعته من الكتب والأجزاء حتى مررت على أكثر من ثلاثة آلاف جزء فما استطعت أن أكمل له سبعين طريقًا ثم رأيت في المستخرج لابن منده عدة طرق فضممتها إلى ما عندي فزادت على ثلاثمائة. وقال البزار والخطابي وأبو علي بن السكن ومحمد بن عتاب وابن الجوزي وغيرهم: إنه لا يصح عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم إلا عن عمر بن الخطاب. ورواه ابن عساكر من طريق أنس وقال: غريب جدًا. وذكر ابن منده في ومستخرجه أنه رواه عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم أكثر من عشرين نفسًا قال الحافظ: وقد تتبعها شيخنا أبو الفضل بن الحسين في النكت التي جمعها على ابن الصلاح وأظهر أنها في مطلق النية لا بهذا اللفظ. وهذا الحديث قاعدة من قواعد الإسلام حتى قيل إنه ثلث العلم. ووجهه أن كسب العبد بقلبه وجوارحه ولسانه وعمل القلب أرجحها لأنه يكون عبادة بانفراده دون الآخرين. قوله (إنما الأعمال) هذا التركيب يفيد الحصر من جهتين الأولى (إنما) فإنها من صيغ الحصر واختلف هل تفيده بالمنطوق أو بالمفهوم أو بالوضع أو العرف وبالحقيقة أم بالمجاز ومذهب المحققين أنها تفيده بالمنطوق وضعًا حقيقيًا. قال الحافظ: ونقله شيخنا شيخ الإسلام عن جميع أهل الأصول من المذاهب الأربعة إلا اليسير كالآمدي وعلى العكس من ذلك أهل العربية وموضع البحث عن بقية أبحاث إنما الأصول وعلم المعاني فليرجع إليهما. الجهة الثانية (الأعمال) لأنه جمع محلى باللام المفيد للاستغراق وهو مستلزم للقصر لأن معناه كل عمل بنية فلا عمل إلا بنية هذا التركيب من المقتضى المعروف في الأصول وهو ما احتمل أحد تقديرات لاستقامة الكلام لا عموم له عند المحققين فلا بد من دليل في تعيين أحدها وقد اختلف الفقهاء في تقديره ههنا فمن جعل النية شرطًا قدر صحة الأعمال ومن لم يشترط قدر كمال الأعمال. قال ابن دقيق العيد: وقد رجح الأول بأن الصحة أكثر لزومًا للحقيقة فالحمل عليها أولى لأن ما كان ألزم للشيء كان أقرب إلى خطوره بالبال اهـ. قال الحافظ: وقد اتفق العلماء على أن النية شرط في المقاصد واختلفوا في الوسائل ومن ثم خالفت الحنفية في اشتراطها للوضوء. وقد نسب القول بفرضية النية المهدي عليه السلام في البحر إلى علي عليه السلام وسائر العترة والشافعي ومالك والليث وربيعة وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه. قوله (بالنية) الباء للمصاحبة ويحتمل أن تكون للسببية بمعنى أنها مقومة للعمل فكأنها سبب في إيجاده. قال النووي: والنية القصد وهو عزيمة القلب وتعقبه الكرماني بأن عزيمة القلب قدر زائد على أصل القصد. وقال البيضاوي: النية عبارة عن انبعاث القلب نحو ما يراه موافقًا لغرض من جلب نفع أو دفع ضرر حالًا ومآلًا والشرع خصصه بالإرادة المتوجهة نحو الفعل لابتغاء رضاء اللَّه وامتثال حكمه. والنية في الحديث محمولة على المعنى اللغوي ليصح تطبيقه على ما بعده وتقسيمه أحوال المهاجر فإنه تفصيل لما أجمل. والجار والمجرور متعلق بمحذوف هو ذلك المقدر أعني الكمال أو الصحة أو الحصول أو الاستقرار. قال الطيبي: كلام الشارع محمول على بيان الشرع لأن المخاطبين بذلك هم أهل اللسان فكأنهم خوطبوا بما ليس لهم به علم إلا من قبل الشارع فيتعين الحمل على ما يفيد الحكم الشرعي. قوله (وإنما لامرئ ما نوى) فيه تحقيق لاشتراط النية والإخلاص في الأعمال قال القرطبي: فيكون على هذه جملة مؤكدة للتي قبلها وقال غيره: بل تفيد غير ما أفادته الأولى لأن الأولى نبهت على أن العمل يتبع النية ويصاحبها فيترتب الحكم على ذلك والثانية أفادت أن العامل لا يحصل له إلا ما نواه. قال ابن دقيق العيد: والجملة الثانية أن من نوى شيئًا يحصل له وكل ما لم ينوه لم يحصل فيدخل في ذلك ما لا ينحصر من المسائل قال: ومن ههنا عظموا هذا الحديث إلى آخر كلامه. ويدل على صحة كلامه أحاديث كثيرة واردة بثبوت الأجر لمن نوى خيرًا ولم يعمله كحديث: (رجل آتاه اللَّه مالًا وعلمًا فهو يعمل بعلمه في ماله وينفقه في حقه ورجل آتاه اللَّه علمًا ولم يؤته مالًا فهو يقول لو كان لي مثل هذا عملت فيه مثل العمل الذي يعمل فهما في الأجر سواء). قال الحافظ: والمراد أنه يحصل إذا عمله بشرائطه أو حال دون عمله له ما يعذر شرعًا بعدم عمله والمراد بعدم الحصول إذا لم تقع النية لا خصوصًا ولا عمومًا أما إذا لم ينو شيئًا مخصوصًا لكن كانت هناك نية تشمله فهذا مما اختلف فيه أنظار العلماء ويتخرج عليه من المسائل ما لا يحصى. قوله (فمن كانت هجرته إلى اللَّه ورسوله) الهجرة الترك والهجرة إلى الشيء الانتقال إليه من غيره وفي الشرع ترك ما نهى اللَّه عنه وقد وقعت في الإسلام على وجوه: الهجرة إلى الحبشة. والهجرة إلى المدينة. وهجرة القبائل. وهجرة من أسلم من مكة. وهجرة من كان مقيمًا بدار الكفر. والهجرة إلى الشام في آخر الزمان عند ظهور الفتن. وأخرج أبو داود من حديث عبد اللَّه بن عمر قال: سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم يقول: (سيكون هجرة بعد هجرة فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم ويبقى في الأرض شرار أهلها). ورواه أيضًا أحمد في المسند. قوله (فهجرته إلى اللَّه ورسوله) وقع الاتحاد بين الشرط والجزاء وتغايرهما لا بد منه وإلا لم يكن كلامًا مفيدًا. وأجيب بأن التقدير فمن كانت هجرته إلى اللَّه ورسوله نية وقصدًا فهجرته إلى اللَّه ورسوله حكمًا وشرعًا فلا اتحاد. وقيل يجوز الاتحاد في الشرط والجزاء والمبتدأ والخبر لقصد التعظيم أو التحقير كانت أنت أي العظيم أو الحقير. ومنه قول أبي النجم: وشعري شعري أي العظيم. وقيل الخبر محذوف في الجملة الأولى منهما أي فهجرته إلى اللَّه ورسوله محمودة أو مثاب عليها وفهجرته إلى ما هاجر إليه مذمومة أو قبيحة أو غير مقبولة. قوله (دنيا يصيبها) بضم الدال وحكى ابن قتيبة كسرها وهي فعلى من الدنو أي القرب سميت بذلك لسبقها للأخرى وقيل لدنوها إلى الزوال. واختلف في حقيقتها فقيل ما على الأرض من الهواء والجو وقيل كل المخلوقات من الجواهر والأعراض. وإطلاق الدنيا على بعضها كما في الحديث مجاز. قوله (أو امرأة يتزوجها) إنما خص المرأة بالذكر بعد ذكر ما يعمها وغيرها للاهتمام بها وتعقبه النووي بأن لفظ دنيا نكرة وهي لا تعم في الإثبات فلا يلزم دخول المرأة فيها وتعقب بأنها نكرة في سياق الشرط فتعم. ونكتة الاهتمام الزيادة في التحذير لأن الافتتان بها أشد. وحكى ابن بطال عن ابن سراج أن السبب في تخصيص المرأة بالذكر أن العرب كانوا لا يزوجون المولى عربية ويراعون الكفاءة في النسب فلما جاء الإسلام سوى بين المسلمين في مناكحتهم فهاجر كثير من الناس إلى المدينة ليتزوج بها من كان لا يصل إليها. وتعقبه ابن حجر بأنه يفتقر إلى نقل أن هذا المهاجر كان مولى وكانت المرأة عربية. ومنع أن يكون عادة العرب ذلك ومنع أيضًا أن الإسلام أبطل الكفاءة ولو قيل إن تخصيص المرأة بالذكر لأن السبب في الحديث مهاجر أم قيس فذكرت المرأة بعد ذكر ما يشملها لما كانت هجرة ذلك المهاجر لأجلها لم يكن بعيدًا من الصواب وهذه نكتة سرية. والحديث يدل على اشتراط النية في أعمال الطاعات وأن ما وقع من الأعمال بدونها غير معتد به وقد سبق ذكر الخلاف في ذلك. وفي الحديث فوائد مبسوطة في المطولات لا يتسع لها المقام وهو على انفراده حقيق بأن يفرد له مصنف مستقل.
1- عن أبي هريرة: عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: (لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لا يذكر اسم اللَّه عليه). رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه ولأحمد وابن ماجه من حديث سعيد بن زيد وأبي سعيد مثله والجميع في أسانيدها مقال قريب. وقال البخاري: أحسن شيء في هذا الباب حديث رباح بن عبد الرحمن يعني حديث سعيد بن زيد. وسئل إسحاق بن راهويه أي حديث أصح في التسمية فذكر حديث أبي سعيد. الحديث الأول أخرجه أيضًا الترمذي في العلل والدارقطني وابن السكن والحاكم والبيهقي من طريق محمد بن موسى المخزومي عن يعقوب بن سلمة عن أبيه عن أبي هريرة بهذا اللفظ. ورواه الحاكم من هذا الوجه فقال: يعقوب بن أبي سلمة وادعى أنه الماجشون وصححه لذلك فوهم والصواب أنه الليثي قاله الحافظ. قال البخاري: لا يعرف له سماع من أبيه ولا لأبيه من أبي هريرة وأبوه ذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أخطأ وهذه عبارة عن ضعفه فإنه قليل الحديث جدًا ولم يرو عنه سوى ولده فإذا كان يخطئ مع قلة ما روى فكيف يوصف بكونه ثقة. قال ابن الصلاح: انقلب إسناده على الحاكم فلا يحتج لثبوته بتخريجه له وتبعه النووي. وله طريق أخرى عند الدارقطني والبيهقي عن أبي هريرة بلفظ: (ما توضأ من لم يذكر اسم اللَّه عليه وما صلى من لم يتوضأ) وفي إسناده محمود بن محمد الظفري وليس بالقوي وفي إسناده أيضًا أيوب بن النجار عن يحيى بن أبي كثير وقد روى يحيى بن معين عنه أنه لم يسمع من يحيى بن أبي كثير إلا حديثًا واحدًا غير هذا. وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم: (يا أبا هريرة إذا توضأت فقل بسم اللَّه والحمد للًّه فإن حفظتك لا تزال تكتب لك الحسنات حتى تحدث من ذلك الوضوء). قال: تفرد به عمرو بن أبي سلمة عن إبراهيم بن محمد عنه وإسناده واه. وفيه أيضًا من طريق الأعرج عن أبي هريرة رفعه: (إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ويسمي قبل أن يدخلها) تفرد بهذه الزيادة عبد اللَّه بن محمد عن هشام بن عروة وهو متروك. وفي الباب عن أبي سعيد وسعيد بن زيد كما ذكره المصنف وعائشة وسهل بن سعد وأبي سبرة وأم سبرة وعلي وأنس. فحديث أبي سعيد رواه أحمد والدارمي والترمذي في العلل وابن ماجه وابن عدي وابن السكن والبزار والدارقطني والحاكم والبيهقي بلفظ حديث الباب. وزعم ابن عدي أن زيد بن الحباب تفرد به عن كثير بن زيد قال الحافظ: وليس كذلك فقد رواه الدارقطني من حديث أبي عامر العقدي وابن ماجه من حديث أبي أحمد الزهري وكثير بن زيد قال ابن معين: ليس بالقوي وقال أبو زرعة: صدوق فيه لين وقال أبو حاتم: صالح الحديث ليس بالقوي يكتب حديثه وكثير بن زيد رواه عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد وربيح قال أبو حاتم: شيخ وقال البخاري: منكر الحديث وقال أحمد: ليس بالمعروف وقال المروزي: لم يصححه أحمد وقال: ليس فيه شيء يثبت وقال البزار: كل ما روي في هذا الباب فليس بقوي وذكر أنه روي عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة. وقال العقيلي: الأسانيد في هذا الباب فيها لين وقد قال أحمد بن حنبل: إنه أحسن شيء في هذا الباب وقد قال أيضًا: لا أعلم في التسمية حديثًا صحيحًا وأقوى شيء فيه حديث كثير بن زيد عن ربيح. وقال إسحاق: هذا يعني حديث أبي سعيد أصح ما في الباب. وأما حديث سعيد بن زيد فرواه الترمذي والبزار وأحمد وابن ماجه والدارقطني والعقيلي والحاكم وأعل بالاختلاف والإرسال. وفي إسناده أبو ثفال [هو بثاء مثلثة بعدها فاء اسمه ثمامة بن وائل بن حصين] عن رباح مجهولان فالحديث ليس بصحيح قاله أبو حاتم وأبو زرعة وقد أطال الكلام على حديث سعيد بن زيد في التلخيص. وأما حديث عائشة فرواه البزار وأبو بكر ابن أبي شيبة في مسنديهما وابن عدي وفي إسناده حارثة بن محمد وهو ضعيف. وأما حديث سهل بن سعد فرواه ابن ماجه والطبراني وفيه عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد وهو ضعيف وتابعه أخوه أبيَّ بن عباس وهو مختلف فيه. وأما حديث أبي سبرة وأم سبرة فرواه الدولابي في الكنى والبغوي في الصحابة والطبراني في الأوسط وفيه عيسى بن سبرة بن أبي سبرة وهو ضعيف. وأما حديث علي فرواه ابن عدي وقال: إسناده ليس بمستقيم. وأما حديث أنس فرواه عبد الملك بن حبيب الأندلسي وعبد الملك شديد الضعف. قال الحافظ: والظاهر أن مجموع الأحاديث يحدث منها قوة تدل على أن له أصلًا. وقال أبو بكر ابن أبي شيبة: ثبت لنا أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قاله. قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي: ولا يخلو هذا الباب من حسن صريح وصحيح غير صريح. والأحاديث تدل على وجوب التسمية في الوضوء لأن الظاهر أن النفي للصحة لكونها أقرب إلى الذات وأكثر لزومًا للحقيقة فيستلزم عدمها عدم الذات وما ليس بصحيح لا يجزئ ولا يقبل ولا يعتد به. وإيقاع الطاعة الواجبة على وجه يترتب قبولها وإجراؤها عليه واجب. وقد ذهب إلى الوجوب والفرضية العترة والظاهرية وإسحاق وإحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل واختلفوا هل هي فرض مطلقًا أو على الذاكر فالعترة على الذاكر والظاهرية مطلقًا. وذهبت الشافعية والحنفية ومالك وربيعة وهو أحد قولي الهادي إلى أنها سنة. احتج الأولون بأحاديث الباب واحتج الآخرون بحديث ابن عمر مرفوعًا: (من توضأ وذكر اسم اللَّه عليه كان طهورًا لجميع بدنه ومن توضأ ولم يذكر اسم اللَّه عليه كان طهورًا لأعضاء وضوئه). أخرجه الدارقطني والبيهقي وفيه أبو بكر الداهري عبد اللَّه بن الحكم وهو متروك ومنسوب إلى الوضع. ورواه الدارقطني والبيهقي أيضًا من حديث أبي هريرة وفيه مرداس بن محمد بن عبد اللَّه بن أبان عن أبيه وهما ضعيفان. ورواه الدارقطني والبيهقي أيضًا من حديث ابن مسعود وفي إسناده يحيى بن هشام السمسار وهو متروك. قالوا: فيكون هذا الحديث قرينة لتوجه ذلك النفي إلى الكمال لا إلى الصحة كحديث (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد) فلا وجوب ويؤيد ذلك حديث ذكر اللَّه على قلب المؤمن من سمى أم لم يسم. واحتج البيهقي على عدم الوجوب بحديث: (لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره اللَّه) وتقريره أن التمام لم يتوقف على غير الإسباغ فإذا حصل حصل. واستدل النسائي وابن خزيمة والبيهقي على استحباب التسمية بحديث أنس قال: (طلب بعض أصحاب النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم وضوء فلم يجد فقال: هل مع أحد منكم ماء فوضع يده في الإناء فقال: توضئوا باسم اللَّه) وأصله في الصحيحين بدون قوله (توضئوا باسم اللَّه) وقال النووي: يمكن أن يحتج في المسألة بحديث أبي هريرة: (كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه ببسم اللَّه فهو أجزم). ولا يخفى على الفطن ضعف هذه المستندات وعدم صراحتها وانتفاء دلالتها على المطلوب وما في الباب إن صلح للاحتجاج أفاد مطلوب القائل بالفرضية لما قدمنا ولكنه صرح ابن سيد الناس في شرح الترمذي بأنه قد روى في بعض الروايات لا وضوء كاملًا. وقد استدل به الرافعي قال الحافظ: لم أره هكذا انتهى. فإن ثبتت هذه الزيادة من وجه معتبر فلا أصرح منها في إفادة مطلوب القائل بعدم وجوب التسمية. وقد استدل من قال بالوجوب على الذاكر فقط بحديث (من توضأ وذكر اسم اللَّه كان طهورًا لجميع بدنه) وقد تقدم الكلام عليه. قالوا: فحملنا أحاديث الباب على الذاكر وهذا على الناسي جمعًا بين الأدلة ولا يخفى ما فيه.
1- عن أوس بن أوس الثقفي قال: (رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم توضأ فاستوكف ثلاثًا أي غسل كفيه). رواه أحمد والنسائي. الحديث رجاله عند النسائي ثقات إلا حميد بن مسعدة فهو صدوق. قوله (أوس بن أوس) ويقال ابن أبي أوس في صحبته خلاف وقد ذكره أبو عمر في الصحابة. وهذا الحديث معناه في الصحيحين من حديث عثمان بلفظ: (فأفرغ على كفيه ثلاث مرات فغسلهما) وقال في آخره (رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم توضأ نحو وضوئي هذا) وسيأتي في هذا الكتاب. وأخرج أبو داود من حديث عثمان أيضًا بلفظ: (أفرغ بيده اليمنى على اليسرى ثم غسلهما إلى الكوعين) وثبت نحوه أيضًا من حديث علي عليه السلام وعبد اللَّه بن زيد عند أهل السنن. والحديث يدل على شرعية غسل الكفين قبل الوضوء وقد اختلف الناس في ذلك فعند الهادي في أحد قوليه والمؤيد باللَّه وأبي طالب والمنصور باللَّه والشافعية والحنفية أنه مسنون ولا يجب لحديث (توضأ كما أمرك اللَّه) ولم يذكر فيه غسل اليدين. وقال القاسم وهو أحد قولي الهادي وإليه ذهب ابنه أحمد بن يحيى: إنه واجب لخبر الاستيقاظ الذي سيأتي بعد هذا. وأجيب بأنه لا يدل على الوجوب لقوله فيه (فإنه لا يدري أين باتت يده) وليعلم أن محل النزاع غسلهما قبل الوضوء وحديث الاستيقاظ الغسل فيه لا للوضوء فلا دلالة له على المطلوب ومجرد الأفعال لا تدل على الوجوب وسيأتي الكلام على ما هو الحق في الحديث الذي بعد هذا إن شاء اللَّه. 2- وعن أبي هريرة: أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: (إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده حتى يغسلها ثلاثًا فإنه لا يدري أين باتت يده). رواه الجماعة إلا أن البخاري لم يذكر العدد وفي لفظ الترمذي وابن ماجه: (إذا استيقظ أحدكم من الليل). 3- وعن ابن عمر: أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: (إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات فإنه لا يدري أين باتت يده أو أين طافت يده). رواه الدارقطني وقال: إسناد حسن. للحديث طرق منها ما ذكره المصنف ومنها عند ابن عدي بزيادة (فليرقه) وقال: إنها زيادة منكرة. ومنها عند ابن خزيمة وابن حبان والبيهقي بزيادة (أين باتت يده منه) قال ابن منده: هذه الزيادة رواها ثقات ولا أراها محفوظة. وفي الباب عن جابر عند الدارقطني وابن ماجه وابن عمر رواه ابن ماجه وابن خزيمة بزيادة لفظ: (منه). وعائشة رواه ابن أبي حاتم في العلل وحكى عن أبيه أنه وهم. قوله (من نومه) أخذ بعمومه الشافعي والجمهور فاستحبوه عقب كل نوم وخصه أحمد وداود بنوم الليل لقوله في آخر الحديث (باتت يده) لأن حقيقة المبيت تكون بالليل. ويؤيده ما ذكره المصنف رحمه اللَّه في رواية الترمذي وابن ماجه وأخرجها أيضًا أبو داود وساق مسلم إسنادها وما في رواية لأبي عوانة ساق مسلم إسنادها أيضًا (إذا قام أحدكم للوضوء حين يصبح) لكن التعليل بقوله (فإنه لا يدري أين باتت يده) يقضي بإلحاق نوم النهار بنوم الليل وإنما خص نوم الليل بالذكر للغلبة. قال النووي: وحكي عن أحمد في رواية أنه إن قام من نوم الليل كره له كراهية تحريم وإن قام من نوم النهار كره له كراهة تنزيه قال: ومذهبنا ومذهب المحققين أن هذا الحكم ليس مخصوصًا بالقيام من النوم بل المعتبر الشك في نجاسة اليد فمتى شك في نجاستها كره له غمسها في الإناء قبل غسلها سواء كان قام من نوم الليل أو النهار أو شك انتهى. والحديث يدل على المنع من إدخال اليد إلى إناء الوضوء عند الاستيقاظ وقد اختلف في ذلك فالأمر عند الجمهور على الندب وحمله أحمد على الوجوب في نوم الليل واعتذر عن الوجوب بأن التعليل بأمر يقتضي الشك قرينة صارفة عن الوجوب إلى الندب وقد دفع بأن التشكيك في العلة لا يستلزم التشكيك في الحكم وفيه أن قوله (لا يدري أين باتت يده) ليس تشكيكًا في العلة بل تعليلًا بالشك وأنه يستلزم ما ذكر. ومن جملة ما اعتذر به الجمهور عن الوجوب حديث أنه صلى اللَّه عليه وسلم توضأ من الشن المعلق بعد قيامه من النوم ولم يرو أنه غسل يده كما ثبت في حديث ابن عباس. وتعقب بأن قوله (أحدكم) يقتضي اختصاص الأمر بالغسل بغيره فلا يعارضه ما ذكر ورد بأنه صح عنه صلى اللَّه عليه وسلم غسل يديه قبل إدخالهما في الإناء حال اليقظة فاستحبابه بعد النوم أولى ويكون تركه لبيان الجواز. ومن الأعذار للجمهور أن التقييد بالثلاث في غير النجاسة العينية يدل على الندبية وهذه الأمور إذا ضمت إليها البراءة الأصلية لم يبق الحديث منتهضًا للوجوب ولا لتحريم الترك ولا يصح الاحتجاج به على غسل اليدين قبل الوضوء فإن هذا ورد في غسل النجاسة وذاك سنة أخرى. ويدل على هذا ما ذكره الشافعي وغيره من العلماء أن السبب في الحديث أن أهل الحجاز كانوا يستنجون بالأحجار وبلادهم حارة فإذا نام أحدهم عرق فلا يأمن النائم أن تطوف يده على ذلك الموضع النجس أو على قذر غير ذلك فإذا كان هذا سبب الحديث عرفت أن الاستدلال به على وجوب غسل اليدين قبل الوضوء ليس على ما ينبغي (فإن قلت:) هذا قصر على السبب وهو مذهب مرجوح. قلت: سلمنا عدم القصر على السبب فليس في الحديث إلا نهي المستيقظ عن نوم الليل أو مطلق النوم فهو أخص من الدعوى أعني مشروعية غسل اليدين قبل الوضوء مطلقًا فلا يصلح للاستدلال به على ذلك ونحن لا ننكر أن غسل اليدين قبل الوضوء من السنن الثابتة بالأحاديث الصحيحة كما في حديث عثمان الآتي وغيره وكما في الحديث الذي في أول الباب ولا منازعة في سنيته إنما النزاع في دعوى وجوبه والاستدلال عليها بحديث الاستيقاظ. وقد سبق ذكر الخلاف في ذلك في الحديث الذي قبل هذا. قوله (فلا يدخل يده في الإناء) في رواية للبخاري (في وضوئه) وفي رواية لابن خزيمة (في إنائه أو وضوئه) والظاهر اختصاص ذلك بإناء الوضوء ويلحق به الغسل بجامع أن كل واحد منهما يراد التطهر به. وخرج بذكر الإناء البرك والحياض التي لا تفسد بغمس اليد فيها على تقدير نجاستها فلا يتناولها النهي. وفي الحديث أيضًا دلالة على أن الغسل سبعًا ليس عامًا لجميع النجاسات كما زعمه البعض بل خاصًا بنجاسة الكلب باعتبار ريقه والجمهور من المتقدمين والمتأخرين على أنه لا ينجس الماء إذا غمس يده فيه وحكي عن الحسن البصري أنه ينجس إن قام من نوم الليل وحكي أيضًا عن إسحاق بن راهويه ومحمد بن جرير الطبري. قال النووي: وهو ضعيف جدًا فإن الأصل في اليد والماء الطهارة فلا ينجس بالشك وقواعد الشريعة متظاهرة على هذا. قال المصنف رحمه اللَّه: وأكثر العلماء حملوا هذا على الاستحباب مثل ما روى أبو هريرة: (أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال: إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاث مرات فإن الشيطان يبيت على خياشيمه) متفق عليه انتهى. وإنما مثل المصنف محل النزاع بهذا الحديث لأنه قد وقع الاتفاق على عدم وجوب الاستنثار عند الاستيقاظ ولم يذهب إلى وجوبه أحد وإنما شرع لأنه يذهب ما يلصق بمجرى النفس من الأوساخ وينظفه فيكون سببًا لنشاط القارئ وطرد الشيطان. والخيشوم أعلى الأنف وقيل هو الأنف كله وقيل هو عظام رقاق لينة في أقصى الأنف بينه وبين الدماغ. وقد وقع في البخاري في بدئ الخلق بلفظ: (إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاثًا فإن الشيطان يبيت على خيشومه) فيحمل المطلق على المقيد ويكون الأمر بالاستنثار باعتبار إرادة الوضوء وفي وجوبه خلاف سيأتي.
|